حدود الصبّار
يظهر الصبار كرمز بشكل متكرر في الفن الفلسطيني. ويعود هذا التأثر بهذه النبتة لطبيعة وجودها ضمن بيئة شحيحة المياه والتربة والذي لا يمنعها من أن تزهر وتستمر. وشكلها الخارجي الشائك الذي يتناقض مع ما تحمل من زهور وثمار جعل الفنانين في غزة يتخذونها كوحي لهم وكتجسيد لبيئتهم وحياتهم فنجدها ظاهرة في لوحاتهم, صورهم, وأعمالهم التركيبية. هذا القدر من الجلد والتصميم في وجه تحديات سياسية تعصف بحياتهم اليومية يشبه تلك النبتة التي تنمو جنبا إلى جنب مع هؤلاء الفنانين الذين وجدوا فيها من الألفة والعزاء لهمهم.
وها نحن نجد محمد الحواجري يعود إليها كتعبير مجازي للحصار . وتعكس هذه المجموعة الأعباء المرتبطة بأبعاد هذا الحصار الذي يحياه إلى جانب مليون ونصف من أبناء شعبه في غزة. عدم القدرة على السفر بحرية المصحوب بالتحكم في إدخال الموارد المختلفة لحاجات هذا الشعب التي أصبحت مقتصرة على البضائع التموينية والذي يراكم من أعباءه المادية فتجد العديد كثيرا ما يهرع للحصول على دواء أو غذاء.
وقد أضاف محمد إلى رمزية هذه النبتة من المعاني ما يأخذنا إلى أعمق مما قد يجسده شكلها الخارجي. لقد أضاف أبعادا تحمل في طياتها قدر الدمار الذي يمارس على وطنه حيث وظف أشواك الصبار ليعكس الألم الناتج عن تخطي الحواجز ونقاط التفتيش. وبقدر جدية هذه الأعمال تجد نوعا من الهزلية المضحكة.
ويتساءل محمد في إحدى أعماله عن قدرة المرء على المضي قدما منتعلا هذا الحذاء المغروز في كمية هائلة من المسامير فهذه المسامير والأشواك هي تجسيدا لمعبر ايرز ونقاط التفتيش…إلى أين ستصل خلال هذه الحدود .
لم يعد الجمال المصاحب للطبيعة موجودا. بل مشابها للوجبات السريعة التي تبدو شهية ولكنها مدمرة لصحتك فتنبهر بها في لحظة الجوع ولكنك تدرك انك لن تستطيع أن تحصل على قضمة دون أن تدفع الثمن فالصبار لا يحمل الكمثرى.
ومن خلال تحليله للحياة في غزة, يتساءل محمد عن شرعية هذه الحدود والحواجز والتي تحيط بوطنه روحيا وماديا.
آسيا نشأت جافان